ميثاق ملكي بريطاني لضبط أخلاقيات الإعلام



توصل قادة الأحزاب البريطانية الرئيسية، حزب العمال المعارض والائتلاف الحاكم المكون من حزبي المحافظين والديمقراطيين الأحرار، إلى إيجاد ميثاق ملكي يضبط أخلاقيات العمل في الصحافة المطبوعة من خلال لجنة مستقلة، وهذا ما أوصت به لجنة التحقيق التي تشكلت على خلفية اندلاع فضيحة التنصت في بريطانيا.
رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون ونائبه نيك كليغ من حزب الديمقراطيين الأحرار وإيد ميليباند زعيم المعارضة العمالية، حاولوا حتى الساعات الأولى من الصباح طرح بعض خلافاتهم جانبا لإيجاد صيغة مقبولة ترضي أيضا ضحايا عمليات التنصت الذين ينادون بقوانين صارمة وتشريع يضبط الخروقات الشخصية التي تمارسها الصحافة، خصوصا الشعبية منها.
وكانت قد أوصت لجنة ترأسها القاضي بريان ليفيسون وشكلت في أوج فضيحة عمليات التنصت قبل عامين في بريطانيا بإنشاء هيئة مستقلة تنظم نفسها بنفسها، مدرجة في القانون لمراقبة الصحافة. ودانت لجنة ليفيسون في تقريرها الذي نشرته في نهاية العام الماضي السلوك «المشين» وإفراط الصحافة في القرب من السياسيين.
وقال براين ليفيسون عندما نشر تقريره في نوفمبر (تشرين الثاني): «ما هو مقترح هنا هو تنظيم مستقل للصحافة تنظمه الصحافة لكنه موضوع في إطار قانوني للتأكد من تحقق المستويات المطلوبة من الاستقلال والفاعلية». ووجه التقرير انتقادات قاسية للصحف المتهمة باتباع سلوك «مشين» لعقود. وقال القاضي «في مرات كثيرة عملت بعض وسائل الإعلام في بحثها عن قصة مثيرة، كما لو أن مدونة السلوك التي وضعتها وسائل الإعلام لا وجود لها». ورأى أن السياسيين من كل الأحزاب «طوروا علاقة مفرطة في قربها من الصحافة وهذا لم يكن في مصلحة الجمهور».
وفي الأمس اتفق القادة على وضع ميثاق ملكي يقوم بتأسيس لجنة مستقلة عن المؤسسات الإعلامية يلجأ إليها المتضررون من الخروقات الشخصية للصحافة. كما اتفقوا أن لا يحدث أي تغيير للميثاق بعد اليوم، أي ابتداء من مارس (آذار) الحالي. أما اللجنة المقترحة فسيكون عملها «توجيها» مجبرا وليس «مطالبة» الصحافة لنشر الاعتذار في حالة توصلت اللجنة إلى أن الصحيفة قامت بخروقات لا داعي لها ضد أفراد. كما ينص الميثاق الملكي على أن يقبل رؤساء تحرير الصحافة المكتوبة بما تتوصل إليه اللجنة، وهؤلاء لن يتمتعوا بحق النقض في حالة إصدار قرار ضد مطبوعاتهم.

وبهذا فإن الاتفاق جنب الأحزاب الرئيسية مواجهة وإحراجا سياسيا للحكومة والمعارضة، بسبب الاصطفاف الحزبي الجديد، بعد أن اتفق الديمقراطيون الأحرار مع المعارضة على تطبيق ما أوصت به لجنة ليفيسون، التي طالبت بوضع قوانين تحد من إفراط الصحافة الشعبية في تقصيها في عملها المهني. وشكل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون اللجنة ردا على معلومات أفادت بأن صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، التي أغلقت بعد أيام من اندلاع الفضيحة وبسببها تنصتت على هواتف تلميذة قتلت وعدد من الشخصيات المعروفة. وتبين فيما بعد أن الصحيفة تنصتت على آلاف من عامة الناس، وليس فقط على بعض المشاهير وأبناء العائلة المالكة كما كان يقال. لكن صحيفة «الغارديان» قامت بتحقيقها بخصوص ما أصبح معروفا بفضيحة القرصنة التليفونية وبينت في يوليو (تموز) 2011 أن الممارسة كانت متفشية في العمل المهني خصوصا الذي كانت تقوم به صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التي يملكها قطب الإعلام الأسترالي الأصل روبرت ميردوخ.
وخلال ثمانية أشهر من جلسات الاستماع التي أشرف عليها براين ليفيسون، وهو أحد كبار القضاة في بريطانيا، نظرت اللجنة بالتفصيل في الأساليب التي تلجأ إليها الصحف البريطانية التي كانت تفخر بأنها غير تقليدية. وقدم 474 شاهدا إفاداتهم بينهم ضحايا عمليات التنصت مثل الممثلين هيو غرانت وسيينا ميلر.

وحاليا تقوم الصحافة البريطانية بتنظيم نفسها وتشرف عليها لجنة الشكاوى الإعلامية التي تضم محررين.