دراسة حول تطوّر وسائل الإعلام والاتصال بتونس منظومة تعديل تخدمحرية التعبير و التعدّدية و التنوّع في وسائل الإعلام الجزء 3


أ - تركز ملكيّة وسائل الإعلام والاتصال
مؤشّر 1.2
تتّخذ الدولة إجراءات إيجابيّة للنهوض بوسائل الإعلام والاتصال والتعدّديّة
لقد تم إقرار احتكار الدّولة للقطاع السّمعيّ والبصريّ سنة 1957 112 ، إلاّ أنّ الاحتكار تعرّض مرارا إلى
« وضعية تنافسيّة » بداية من سنة 1960 مع انطلاق بثّ القناة الإيطاليّة الأولى 113 في تونس »و القناة
الفرنسيّة «فرانس »2 و قناة «آفاق تونس 114 » . وقد منحت هذه القنوات استثناءات لمجرّد رغبة الحكومة
في ذلك وبصفة اعتباطيّة لمدّة محدّدة 115 . ولم يكن فتح المشهد السمعيّ والبصريّ في 2003 إلاّ
تمويها، لأنّه تم على أساس «انتقائيّ وحصريّ  .


كما هو معلوم فإنّ أصحاب المحطات الإذاعية الخمس والقنات التلّفزتين الذين تحصّلوا على رخص بثّ
بين 2003 و 2010 في إطار من التعتيم تامّ وفي غياب أدنى شروط الشفافيّة وعلى أساس معايير لا يعلم
العموم عنها شيئا، كانوا إمّا من عائلة بن علي أو من عائلات قريبة من السلطة. فصهر الرئيس المخلوع،
بلحسن الطرابلسي، كان يملك أسهما في أوّل إذاعة خاصّة و هي موزاييك  كانت ابنته «سيرين ،»
زوجة «مهدي مبروك »، مالكة إذاعة شمس FM التي تم تأسيسها سنة 2010 ، وقد أحدث صهره صخر
الماطري الإذاعة الدينيّة «الزيتونة للقرآن الكريم 2007( » (.و يملك المليونير العربي نصرة الذي تربطه علاقة
مصاهرة بجماعة الطرابلسي القناة التلفزيّة «حنبعل 2005( » ( أما مراد قديش، ابن الطبيب الشخصيّ
لبن علي فهو أحد مؤسّسي إذاعة «راديو إكسبريس »2010FM و أنشأت مجموعة من رجال الأعمال
المقرّبين من النّظام السابق إذاعة جوهرة 2005FM ، شانها في ذلك شأن القناة التلفزية «نسمة »TV
التي يشترك عدد من المساهمين في ملكيّتها وهم الأخوان نبيل وغازي القروي بنسبة ) 50 %(و المنتج
السينمائي طارق بن عمّار ) 25 % ( ورئيس الحكومة الإيطاليّة السابق سلفيو برلوسكوني ) 25 %(.
وقد دُفعت السلطة إلى هذا الانفتاح الانتقائيّ تحت ضغط النقد الملُحّ الموُجِّه إلى النظام القائم آنذاك
من منظّمات دوليّة غير حكوميّة نشيطة في مجال حرّيّة التعبير وحقوق الإنسان، وذلك قُبيْلَ افتتاح
المرحلة الثانية من القمّة العالميّة لمجتمع المعلومات   SMSI 2005  بتونس .وتتضمّن الاتفاقيّات
وكراسات الشروط المبرمة مع الإذاعات والتلفزات المذكورة تتضمّن شروطا مجحفة رغم قُرْب أصحابها
من النظام السابق.
بعد ثورة 14 جانفي 2011 وسقوط نظام بن علي أُقرّت النصوص التشريعية الجديدة مبادئ أساسيّة
تضمن التعدّديّة والتنوّع في المشهد الإعلاميّ والسّمعيّ والبصريّ وتجنّبه مخاطر تركز ملكيّة وسائل
الإعلام . وقد تضمّن المرسوم عدد 116 لسنة 2011 تراتيب مفصَّلة عن التعدديّة وتركز ملكيّة وسائل
الإعلام  .
فالفصل 33 من المرسوم 115 ينص على أنّ شخصا واحدا، سواء كان مادّيّا أو معنويّا، لا يمكن أن يملك أو
يدير إلا دوريّت متنافست على أقصى حد ذات صبغة إخباريّة سياسيّة وجامعة وتختلف من حيث
لغة التحرير. ويوضّح إضافة إلى ذلك أنّه لا يمكن أن يتجاوز سحب الدوريّتين أكثر من 30 % من جملة
السحب العامّ لهذا الصنف من الدوريّات المنشورة في تونس.
ويتولى مجلس المنافسة مهمّة مراقبة تركّز ملكيّة وسائل الإعلام والتحقّق منها في إطار التعهّد
التلقائي أو بطلب من وزير التجارة أو من طرف آخر ممن له مصلحة في التدخل. ويمكن لهذا المجلس أن
يطلب من الإدارات أو من الأشخاص جميع الإرشادات اللازمة، ولا يمكن للإدارات والأشخاص المعنيّين
إخفاء المعلومة إلا في حالة سماح القانون لهم بذلك. ويمكن لمجلس المنافسة أو لكلّ شخص تضرّر من
الممارسات المخلّة بالشفافيّة الماليّة أو من التركز الاقتصاديّ أن يطلب من السلطات القضائيّة المختصّة
تتبع هذه المخالفات ووضع حدّا لها وهذا لا يمنعهم من المطالبة بالتعويض وجبر الضرر.
أمّا المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المتعلّق بحرية الاتصال السّمعيّ والبصريّ  فقد أوكل إلى هيئة
مستقلّة،تسمّى الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعيّ والبصريّ، مهمّةَ السهر على احترام
الشفافيّة والتعدّديّة وتنوّع الآراء في وسائل الإعلام السمعيّة والبصريّة. وينص الفصل 3 من هذا
المرسوم على «أنّ حريّة الاتصال السمعيّ والبصريّ مضمونة وفقا للمعاهدات والمواثيق الدّوليّة التي
صادقتْ عليها الجمهوريّة التونسيّة ». وينصّ الفصل الخامس على أنّ ممارسة هذه الحرّيّة تتمّ على أسس
مبادئ «التعدّديّة في التعبير عن الأفكار والآراء » و »الموضوعيّة والشفافيّة ». وينصّ الفصل الخامس عشر
على ضرورة «تجنّب التركيز في ملكيّة وسائل الاتّصال السّمعيّ والبصريّ وإرساء منافسة نزيهة في
القطاع
ويفتقر المرسوم إلى إطار قانونيّ مفصَّل لضمان تنوّع الملكيّة واجتناب تركزها. وستتمتّع الهيئة
العليا المستقلة للاتّصال السمعيّ والبصريّ ،نظريا، إذا ما تكوّنتْ، بسلطات كافية في المجال السمعيّ
والبصريّ، ولكنّ القواعد المفصّلة للحيلولة دون تركز الملكيّات يجب أن يتمّ تحديدها بدقّة.
ومن بين المعايير التي اعتمدتْها الهيئة الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتصال للتوصية بإسناد تراخيص
إحداث واستغلال إذاعات وتلفزات خاصّة جديدة، منع الجمْع بين ملكيّة وسيلة إعلام سمعيّ وبصريّ
وملكيّة وكالة إشهار أو اتّصال. وقد أعدّتْ هذه الهيئةُ كراسات شروط  ميّزتْ فيها بين الإعلام
السمعيّ والبصريّ التجاريّ والإعلام السمعيّ والبصريّ الجمعيّاتيّ.
غير أن الحكومة الجديدة المنبثقة عن المجلس الوطني التأسيسي لم تتخذ أيّة مبادرة تهدف إلى ترسيخ
مبادئ الشفافيّة والتعدّديّة في قطاع الإعلام والاتصال، من خلال تطبيق المرسوم عدد 116 لسنة
2011 وتكوين الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السّمعيّ والبصريّ. فالضبابيّة القانونيّة التي تتواصل
منذ شهور عديدة لا تخدم مبدأ الشفافيّة لا في قطاع الصحافة المكتوبة ولا في القطاع السمعيّ
والبصريّ. إنّ استمرار هذه الوضعيّة لا يخدم إلاّ المصالح السياسيّة والماليّة ذات التأثير، من تونسيين
وأجانب، بل إنّ بعضها كان مورّطا مع النظام السابق.
مؤشّر 2.2
الدّولة تضمن احترام الإجراءات الموجّهة للنهوض بوسائل الإعلام والاتصال التعدّديّة
رغم تضمّن المرسوم عدد 115 لسنة 2011 لأحكام واضحة فإنّه لا يوجد أيّ إجراء متّخَذ لاجتناب
تركز الملكيّة في قطاع الصّحافة المكتوبة.أما في المستوى العملي فنجد أنّ ملكيّة الصحف الخاصّة
متنوّعة، ولكن ثمة خطر ظهور تركزها في المستقبل. وينصّ الفصل 36 من المرسوم على خطيّة ماليّة
تتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف دينار في حالة مخالفة قواعد الملكيّة، وهو يحثّ المحاكم أيضا على
إصدار أحكام تقضي باحترام القوانين الخاصّة بتركز الملكيّة، ولكن لم ترصد أيّة حالة حتّى الآن.
وفي غياب الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السّمعيّ والبصريّ لا توجد أيّة هيئة مؤهّلَة لضمان احترام
الإجراءات قصْدَ اجتناب التركز المفرط للخدمات الخاصّة في مجال الإذاعة والتلفزة.
وقد تم اعتماد مبدأ ضمان التعدّديّة والتنوّع معيارا من بين معايير الانتقاء  التي أقرّتها الهيئة
الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتّصال لإسناد توصيات للحصول على إجازات لإحداث واستغلال محطة
إذاعية على الموجة القصيرة FM أو قناة تلفزيّة على الشبكة الأرضيّة أو عبر الأقمار الصناعيّة. وقد
فحصتْ الهيئة الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتصال، ملفّات الحصول على إجازات بثّ. وعند تقديمها هذه
التّوصيات رفضتْ خمسة ملفّات كان أصحابها إمّا مالكين لوكالة اتّصال أو إشهار، وإمّا مترشّحين
لبعث عدّة مؤسّسات إعلاميّة، أو إنّ موارد تمويلهم لم دُحتَّدْ بدقّة.
ب - مزيج متنوّع من وسائل إعلام واتصال عموميّة وخاصّة وجمعيّاتيّة
مؤشّر 3.2
الدولة تشجّع بشكل حثيث مزيجا متنوّعا من وسائل الإعلام العموميّة والخاصّة
والجمعيّاتية
تاريخيّا، كانت الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزة التي تملكها الدولة هي المسيطرة على المشهد
الإعلامي في تونس منذ الاستقلال. وكما جاء في القسم 1.2 الوارد أعلاه كان في تونس قبل ثورة 14
جانفي 2011 عدد محدود من المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيّة الخاصة، ولم يُتّخذْ أيّ إجراء قصد
تشجيع البثّ الجمعيّاتيّ.
كانت وسائل الإعلام التابعة للدولة قريبة جدّا من الحكومة. وتعدّ وكالة تونس إفريقيا للأنباء أداة
سياسيّة في يد النظام ومصدرا وحيدا للإعلام الرسميّ. وكانت وسائل الإعلام التابعة للحكومة تبثّ
تقارير وكالة تونس إفريقيا للأنباء دون تدبّرها أو التبصّر فيها.
ولكن، منذ سقوط نظام بن علي، تبنّتْ وسائل الإعلام الموجودة، العموميّة والخاصّة، مظهرا أكثر تنوّعا
وأكثر نقدا. ونشأتْ صحفٌ ووسائل إعلام إلكترونيّة جديدة. كما أُعْطيتْ إجازات لمحطات إذاعية وقنوات
تلفزية منها ثلاث إذاعات جمعيّاتيّة وقناة تلفزيّة غير تجاريّة. وقد دفعت الهيئة الوطنيّة لإصلاح الإعلام
والاتّصال نحو تشجيع نموذج سمعي وبصري ذي ثلاثة أصناف- عموميّ وخاصّ وجمعيّاتيّ- مطابق
للمعايير الدوليّة وأوصت بإنشاء صندوق لدعم الإعلام الجمعيّاتي  .
وأبدى وزراء وممثلون عن الحكومة استعدادهم للتفاوض مباشرة مع وسائل الإعلام والاتصال الخاصّة
حتّى وإن تعرّضوا إلى ردود فعل عدائيّة، علما وأنّ التصريحات الحكوميّة الهامّة تنشر وتبثّ في وسائل
الإعلام والاتصال العموميّة. و في الوقت ذاته اتُّخذتْ إجراءات قانونيّة وتطبيقيّة لتحسين النفاذ العامّ
إلى المعلومة الحكوميّة ولتطوير الخدمات الحكوميّة الإلكترونيّة، بما في ذلك، ما جاء في المرسوم عدد 41
لسنة 2011 الذي تمتّْ مناقشته سابقا في القسم 2.1 .
أما في ما يتعلق بتطوير التلفزة الرقميّة الأرضيّة فقد اعتُبر التلفزيون العموميّ ذا أولويّة. وأُدمجتْ
فيه آليّا القنوات الموجودة وصارتْ كلُّها تبثّ عبر جهاز البثّ الرقمي الأرضيّ الوحيد.
وشرع الديوان الوطنيّ للإرسال الإذاعي والتلفزيّ منذ جوان 2012 في بثّ تجريبيّ لمجموعة قنوات رقميّة
تونسيّة تضمّ 7 قنوات تلفزيّة هي: الوطنيّة 1 والوطنيّة 2 ونسمة وحنبعل و TWT العالميّة التونسية
والحوار التونسيّ والقناة الإيطاليّة الأولى »RAI UNO« التي تبثّ برامجها في تونس على الشبكة
التماثلية منذ 1960 .
مؤشر 4.2
منظومة تعديل مستقلّة وشفافة
رغم الالتزامات الانتخابيّة التي تعهّدت بها الأحزاب الثلاثة التي كوّنتْ الائتلاف الحكومي الحاليّ، فإنه
لا توجد حتّى الآن منظومة مستقلّة وشفّافة لتعديل الاتصال السمعي والبصري. وقد وضعت الهيئة
الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتّصال، كما سنفصل القول فيه في القسم 8.2 ، مسار تقييم يكاد يكون
قانونيا انتهى إلى إصدار توصيات بخصوص إسناد إجازات لإحداث محطات إذاعيّة وقنوات تلفزيّة
جديدة. وقد تم إنجاز هذا التقييم في طوريْن: الأوّل تم فيه تقييم مشاريع إنشاء المحطات الإذاعية وقد
أُعلِنتْ نتائجه في 28 جوان 2011  ، والثاني خصّص لتقييم مشاريع إحداث القنوات التلفزية وقد
اُعلِنتْ نتائجه في 7 سبتمبر 2011  .
ولم يشفع مسار التقييم هذا بأيّ إجراء جديد لفائدة طالبي الإجازات الجُدد الراغبين في إنشاء محطات
إذاعية وقنوات تلفزية. وقد نتج عن ذلك تراجع في سرعة تنويع المشهد الإعلاميّ، في حين لا يجد
أصحاب مشاريع إنشاء محطات إذاعيّة وقنوات تلفزيّة جديدة أيّة وسيلة لتقديم مطالبهم في غياب
هيكل مؤهّل لذلك. ودفع هذا الفراغ القانونيّ عدّة قنوات تلفزيّة إلى بدْء البثّ عبر الأقمار الصناعيّة
دون الحصول على إجازات وليس مفاجئا أن يحصل الشيء ذاته في مستوى إذاعات .FM
واضح أنّ الوضع الحالي في تونس ليس مطابقا للمعايير الدولية بما في ذلك التزاماتها بصفتها إحدى
الدول الموقّعة على الميثاق الدوليّ للحقوق المدنيّة والسياسيّة. وقد أعلنتْ لجنة حقوق الإنسان بمنظمة
الأمم المتّحدة في «الملاحظة العامّة رقم 34 المتعلّقة بالفصل 19 من الميثاق الدّوليّ للحقوق المدنيّة
والسياسيّة:
«على الدول الممضية على هذا الميثاق، إن كانت لم تفعل ذلك بعدُ، إيجاد سلطة مستقلّة وعموميّة
مكلَّفة بإسناد رخص استغلال المنشآت الإذاعية و التلفزيّة، ويكون لهذه السلطة نفوذ لفحص
المطالب وإسناد الرّخص . »
ويُعتبر الميثاق الدّوليّ للحقوق المدنيّة والسياسيّة مرجعا في القانون الدوليّ، كما تُعتبر الملاحظات
العامّة للجنة حقوق الإنسان بالأمم المتّحدة أفضل تأويل لفصول الميثاق. و في سنة 2011 تبنّتْ اللجنة
بالتوافق عبارات الملاحظة رقم 34 التي عوّضتْ الملاحظة السابقة رقم 10  التي كانت تبنتها سنة
.1983

وكانت تونس عضوا في لجنة ال 18 الذين أعدّوا نصّ الملاحظة العامة الحاليّة. ومن المفيد أن نذكّر في
هذا السياق بأنّ الملاحظة رقم 34 تنصّ كذلك على ما يلي:
« على الدّول الموقّعة أن تجتنب فرض شروط صارمة وحقوق ترخيص مشطّة على وسائل الإعلام
السمعيّة والبصريّة بما في ذلك وسائل الإعلام الأهليّة والقنوات التجاريّة.و يجب أن تكون معايير تطبيق
هذه الشروط وحقوق الترخيص معقولة وموضوعيّة ودقيقة وشفّافة ولا تمييز فيها، وأن تكون مطابقة
في جميع جوانبها للميثاق. كما يجب أن تتيح نُظُمُ الترخيص في البثّ بواسطة وسائل الإرسال ذات
الطاقة المحدودة،مثل خدمات البث السمعية والبصريّة الأرضية والمستعمِلة للأقمار الصناعيّة، توزيعا
عادلا في النفاذ إلى البثّ وفي التردّدات بين القنوات العموميّة والتجاريّة والأهليّة .»
.
وسيؤدّي تطبيق المرسوم عدد 116 لسنة 2011 إلى قطع خطوة كبيرة نحو احترام هذه المتطلبات حتّى
وإن كانت بعض جوانب المرسوم المتعلّق بالهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السّمعيّ والبصريّ قابلة
للتحسين مثلما هو مناقَشٌ أعلاه في القسم 7.1 . وينبغي أن نشير أيضا أنّ المرسوم عدد 116 لسنة
2011 ينصّ بصريح العبارة على أنّ مهمّة الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السّمعيّ والبصريّ تتمثّل
في ضمان «دعم قطاع الاتصال السمعيّ والبصريّ الوطني العموميّ والخاصّ والجمعيّاتيّ وجودتهً
وتنوّعه » )الفصل 15 (.
المؤشّر 5.2
الدّولة ومنظّمات المجتمع المدنيّ تعملان بنشاط على النهوض بتطوير وسائل الإعلام
والاتصال الجمعياتيّة
وضعت الهيئة الوطنيّة لإصلاح للإعلام والاتّصال نموذجا للبثّ الإذاعيّ والتلفزيّ يتكوّن من ثلاث
مجموعات تشمل المؤسسات الإعلامية العمومية والخاصّة والجمعياتيّة كما هو مب في القسم 3.2 .
وتتضمّن عمليّةُ تقييم مطالب إنشاء إذاعات وقنوات تلفزية، معاييرَ تتعلق بتنوّع أصناف خدمات البثّ،
وخصوصا منها النهوض بالبثّ الجمعياتي. ومن بين الإثنيْ عشر ملفّا التي أوصت بمنحها الرخصةَ
توجد ثلاثة ملفّات وُصفتْ في مطالب أصحابها بكونها جمعيّاتيّة  .
وينصّ المرسوم عدد 116 لسنة 2011 أيضا في الفصل 16 منه على أنه من مشمولات الهيئة العليا
المستقلّة للاتّصال السّمعيّ والبصريّ دعم الإعلام السمعيّ والبصريّ «الجمعيّاتيّ ». ولا يقترح المرسوم
اجراءات محفزة على هذا مثل تخصيص الذبذبات و تخفيض قيمة التعريفات الخاصة بالإجازات ووضع
شروط تحمي محتوى هذه الخدمات السمعيّة والبصرية والحقّ في استعمال المؤسّسات لأجهزة البثّ
الخاصة بها وإنشاء صندوق دعم متخصّص.
وبالإضافة إلى ضرورة ترتيبات مناسبة لمنح الإجازات، فان تكاليف البثّ تمثل العقبة الرئيسيّة القائمة
أمام تطوير البثّ الإذاعيّ والتلفزيّ الجمعيّاتيّ، خصوصا بسبب التعريفات الباهظة التي يفرضها
الديوان الوطنيّ للإرسال الإذاعي والتلفزي الذي هو مكلَّفٌ، عملا بقانونه التأسيسيّ  ، ب » تأمين
إرسال البرامج الإذاعيّة والتلفزيّة وبدون منافسة من الغير ». فتم تأويل ذلك بكونه يعطيه حقّ الاحتكار
في التوزيع والبثّ، رغم أنّ هذا أمر لم يعد من الطبيعيّ اعتماده في بلد ديمقراطيّ.
ومن الواضح أنّ التعريفات التي يفرضها الديوان الوطنيّ للإرسال الإذاعي والتلفزي على أصحاب
المؤسسات هي أرفع بكثير من التكاليف التي يجب على أصحاب المؤسّسات المحلّيّة والجمعيّاتيّة أن
يدفعوها لتركيز أجهزتهم الخاصّة واستغلالها.
ويسند الفصل 2 من القانون المتعلّق بإنشاء الديوان الوطنيّ للإرسال الإذاعي والتلفزي، إلى الديوان
المذكور مهمّت هامّت .ْني تتمثّل الأولى في إنشاء واستغلال وصيانة وتوسيع شبكات توزيع البرامج
الإذاعية والتلفزية، وتتمثّل الثانية في مراقبة وحماية جودة استقبال حصص البرامج الإذاعيّة والتلفزيّة.
وبخصوص الإذاعات المحلّيّة والجمعيّاتيّة يحسن أن يوفّر لها الديوان الوطنيّ للإرسال الإذاعي والتلفزي
خدمة مراقبة الجودة الفنّيّة دون أن يُجبرها على القبول به كمزوّد وحيد لخدمات شبكات التوزيع.
أما التجهيزات العصريّة للبث الإذاعي على موجة القصيرة FM المطابقة للمعايير الدوليّة العالميّة،
فهي متوفرة على نطاق واسع وأسعارُها منخفضة مع مستويات متانة مرتفعة. ويمكن أن يكون
النهوض بالإذاعة الجمعيّاتيّة على وجه الخصوص وبالإذاعات المحلّيّة على وجه العموم،أيسر بكثير، وذلك
بفضل ضمان أن يكون أصحاب المؤسسات قادرين على الحصول على أجهزة خاصّة بهم وتركيزها
واستغلالها إذا رغبوا في ذلك.
وقد شرع بعض أصحاب هذه المؤسّسات المحلّيّة والجمعيّاتيّة عمليا في ذلك، ولكنّهم واعون أنهم
ينشطون في إطار ضبابي من منظور قانونيّ وأن خطر التصادم مع الديوان الوطنيّ للإرسال الإذاعي
والتلفزي يهدّدهم وكذلك الأمر مع سلطة الإشراف على إسناد الذبذبات وهي الوكالة الوطنيّة
للتردّدات.
مؤشّر 6.2
مخطّط الدولة لإسناد الذبذبات على موجة يتيح أفضل استعمال في خدمة الصالح
العامّ
تملك تونس مخطّطا وطنيّا للذبذبات مطابق للمعايير والتوصيّات الصادرة عن الا اّحتد الدولي للاتّصالات.
وهو مخطّط يتضمّن إعطاء الذبذبات للبثّ الإذاعي الأرضيّ وعبر الأقمار الصناعيّة وأيضا التلفزي
الأرضيّ. وتعود مسؤولية تخطيط توزيع ذبذبات البثّ وإسنادها إلى الوكالة الوطنيّة للتردّدات
ويب الجدول التالي الذبذبات المسنَدة للبثّ استنادا إلى المعلومات المنشورة على موقع الوكالة الوطنيّة
للتردّدات  :
الرسم رقم 4 : الذبذبات المخصصة للبث
المصدر : الوكالة الوطنية للتردّدات
ولتحقيق مزيد من الشفافيّة، ينبغي تركيز مخطّط أكثر تفصيلا عن الموجات الفرعية ) )sousbandes
المسنَدة إلى البثّ الإذاعي والتلفزي. ولا يوجد في الوقت الحاضر مخطّط منشور، ولم تتمّ من قبل أي
استشارة عمومية تتعلق بتطوّر أمواج VHF موجة 2 )من 5،87 إلى 0،108Mhz (المسندة إلى البثّ
الإذاعي الصوتي والمعدّلة إلى ذبذبة )راديو FM ( طبقا للاتفاقيّة الدولية الموقّعة في إطار الا اّحتد الدّوليّ
للاتصالات  .
كما أنه لا توجد أيّة استشارة عموميّة بخصوص التطبيق المستقبليّ لموجات الإرسال التلفزي UHF
خصوصا وأنّ الا اّحتد الدّوليّ للاتصالات ينوي الانتقال من البثّ التلفزي التماثلي الأرضيّ إلى البثّ
التلفزي الرقميّ الارضي ) TNT ( قبل موفّى 2015  . ويهدف الانتقال المنتظر إلى النظام الرقميّ
الأرضي )المعروف ب TNT ( إلى تحرير قسم من طيف UHF ليُستخدم في استعمالات جديدة بما فيها
التلفزة عالية الجودة HD   والتلفزة الجوّالة والهواتف الجوالة من الجيل الرابع  4G . غير أن تركيز
أجهزة استقبال وأجهزة فكّ الشفرة من نوع TNT في البيوت التونسيّة كان في غاية البطء لأنّ القمر
الصناعيّ صار طريقة الاستقبال التلفزيوني الغالبة.
كانت مؤسّسات الإذاعة والتلفزة المرخّص لها قبل 14 جانفي 2011 خاضعة لاتّفاقيّة ممضاة بين كلّ من
أصحاب تلك المؤسسات والدولة كما أسلفنا أعلاه في القسم 11.1 . وتتضمّن هذه الاتفاقيّة شروطا
تقنيّة بموجبها يلتزم كلّ صاحب إذاعة أو تلفزة بتقديم مطلب إلى الوكالة التونسيّة للتردّدات حسب
ما ينصّ عليه قانون الاتصالات. أما الاتفاقيات مع المؤسسات الإذاعية والتلفزية الجديدة فلم تُوقَّعْ بعدُ
بسبب عدم تطبيق المرسوم عدد 116 لسنة 2011 وخصوصا عدم وجود هيكل تعديلي مستقلّ وهو
الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السمعيّ والبصريّ.
مؤشّر 7.2
مخطّط الدولة لإسناد ذبذبات يُشجّع التنوّعَ في الملكيّة وفي المحتوى
كما هو مب أعلاه في القسم 6.2 فإنّه قد سُجِّل نقص على مستوى التخطيط وعلى مستوى تنظيم
استشارة عموميّة بخصوص إسناد موجة FM والطيف التردّدي للتلفزة الرقميّة الأرضيّة، مستقبلا.
وتاريخيّا، كانت المؤسسات السمعيّة والبصريّة العمومية تتمتّع بالأولويّة ، ثمّ أُضيفتْ إليها فيما بعد
مؤسّستان تلفزيّتان خاصّتان على الطيف التردّدي UHF للتلفزة التماثلية وخمس مؤسّسات إذاعية
خاصّة تبثّ على موجة .FM
ومنذ ثورة 14 جانفي 2011 ازدادت مطالبُ إنشاء مؤسسات إذاعية وتلفزية جديدة بصفة كبيرة. وقد
اقتُرِح على أصحاب المؤسسات التلفزية الجدد البثُّ على الأقمار الصناعيّة فقط. وقد استطاع الديوان
الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي أن يوفّر ذبذبات لأغلب المؤسسات الإذاعيّة التي تبثّ على موجة FM
والحاصلة على تراخيص مؤخّرا، ولكن ينبغي وضع مخطّط وطنيّ لإسناد تردّدات على الطيف VHF 2
احتياطا لتطوّر الإذاعات على موجة FM مستقبلا.
ومن الضروريّ أن تعمل الحكومةُ مع المؤسسات العموميّة والخاصّة والجمعيّاتيّة في قطاع الإعلام
والاتصال ،على برنامج توزيع ال TNT لضمان توفير تنوّع في القنوات التلفزيّة وتمكين العائلات التي لا
تتمتّع بخدمات الأقمار الصناعيّة من خيارات واسعة ولتقييم مدى قدرة التلفزة الرقميّة المحلّيّة على
الاستمرار.
ومن الضروريّ كذلك القيامُ بمسح مستقلّ للطيف التردّدي VHF 2 وعقد استشارة عموميّة حول
مواصلة تطوير البثّ الإذاعيّ على موجة FM . ويجب أن يضمن مخطّط تطوير الإذاعات على موجة FM
إعادة توزيع عادل للذبذبات بين الإذاعات العموميّة والخاصّة والجمعيّاتيّة ومزيج من القنوات الوطنيّة
والجهويّة والمحليّة حتّى تتمّ الاستجابة لطلبات الجمهور.
مؤشّر 8.2
منظومة تعديل مستقلّة وشفاّفة
قامتْ الهيئة الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتّصال منذ تأسيسها في مارس 2011 بوضع مسار شبه
قانوني لتقييم طلبات إنشاء مؤسسات إذاعية وتلفزية جديدة. واحتراما لضغوط الوقت والموارد،
اجتهدتْ الهيئة في تطبيق مسار انتقائي قائم على المعايير والممارسات الدولية الصحيحة، حيث
أعلنت عن فتح باب تقديم مقترحات. ونشرت معايير الانتقاء 136 وقدمت المقترحات في جلسات مع
خبراء ووضعت تصوّرا لمنظومة تقييم بهدف معاملة جميع أصحاب الطلبات بصفة عادلة ومنصفة.
وبعد دراسة الملفّات - البالغة 74 مطلبا لإنشاء إذاعات و 33 مطلبا لإنشاء مؤسسات تلفزية - أوصتْ
الهيئةُ الوطنيّة لإصلاح الإعلام و الاتّصال بإسناد تراخيص إلى 12 محطة إذاعية و 5 قنوات تلفزيّة 
و بأن تكون مدّة الترخيص سنة للإذاعات، و خمس سنوات للتلفزات. و قد نشرتْ الهيئة تقريرين عن
عمليّتيْ التقييم، الأول يخصّ تقييم ملفات بعث إذاعات و الآخر يهمّ تقييم ملفات إحداث تلفزات.
وقدّمتْ توصياتها إلى الوزير الأول الذي أصدر موافقته عليها. وراسلت الوزارة الأولى طالبي التراخيص
لإبلاغهم بنيّة الموافقة.
وقد قوبلتْ توصياتُ الهيئة بكثير من النقد والاعتراض الصدر عن بعض المترشّحين الذين لم تُقبَلْ
ملفّاتهم مثل النقابة التونسيّة للإذاعات الحرّة  .
وأعدّت الهيئة اتفاقيّات وكراسات الشروط المتعلّقة بإحداث واستغلال قنوات إذاعية وتلفزية جديدة،
بما في ذلك كراسات شروط خاصة بالإذاعات والتلفزات الخاصّة والجمعيّاتيّة. غير أن هذه الوثائق ما
تزال مجرّد مشاريع في انتظار إنشاء هيكل تعديلي مستقلّ، وهو الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال
السمعيّ والبصريّ التي ستكلّف بتسليم الإجازات.
ورغم هذا شرعت عدّة إذاعاتٌ وتلفزات في البثّ على أساس تلقّيها موافقة مبدئية من مكتب الوزير
الأول. ولكن لم يتمّ إلى الآن تحديدُ تكاليف الإجازات المسنَدة إلى أصحاب المؤسسات الإذاعيّة والتلفزيّة
الجديدة تحديدا دقيقا. وتُدفع تكاليف البثّ إلى الديوان الوطنيّ للإرسال الإذاعي والتلفزي. وقد أوصتْ
الهيئة الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتّصال في تقريرها العامّ  بأن تتمتّع المؤسسات الإعلامية الجديدة
بمعاليم بثّ مخفَّضةً وألا تدفع الإذاعاتُ الجمعيّاتيّة إلا مقابلا رمزيّا.
وينص المرسوم عدد 116 لسنة 2011 غير المطًُبَّقِ على أنّ تتولّى الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال
السمعيّ والبصريّ البتّ في مطالب منح الإجازات الخاصّة بإنشاء مؤسسات إذاعية وتلفزية جديدة
وبإسناد الذبذبات وبتوقيع الاتّفاقيّات مع أصحاب المشاريع .
ث - الأداءات والتعديل التّجاريّ
مؤشّر 9.2
تستخدم الدولة الأداءات والتعديل التّجاريّ بغاية تشجيع تطوّر وسائل الإعلام والاتصال
بطريقة لا تمييز فيها
إن الامتياز الوحيد الذي تتمتّع به الصّحُفُ في قطاع الصحافة المكتوبة هو الإعفاء من الأداء على
القيمة المضافة ومن الأداء على توريد ورق الصّحف الذي يمثّل خمسة وعشرين بالمائة من ثمن الورق،
ولكنّ هذا الامتياز لا تستفيد منه بصفة فعليّة إلا الصّحف الكبرى التي تستورد كمّيّات كبيرة من
الورق والتي لها تنظيم إداري متطوّر قادر على الاستجابة لعمليّات المراقبة الدقيقة والمعقّدة في
مستوى التصرف بهدف التأكّد من أنّ الورق المستورَد مستعمل بصفة حصريّة في صناعة الصّحف.
وإذا استثنينا بعض الامتيازات الطفيفة التي أُعطِيتْ للمؤسسات الإذاعيّة والتلفزيّة الخاصّة التي
حصلت على تراخيص بالبثّ بعد 14 جانفي 2011 ،علما أنّ الهيئة الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتصال
كانت قد أوصت بها مثل الإعفاء من دفع معاليم الديوان الوطني للارسال الإذاعي والتلفزي خلال
السنة الأولى ،وتخفيضها بنسبة عشرين بالمائة في 2012 ، فإنّ هذه المؤسسات لا تتمتّع بأية امتيازات
تفضيليّة بخصوص توريد التجهيزات والمعدات. بل على العكس من ذلك، فان الآلات والتجهيزات يجب
أن تتمّ المصادقة وجوبا على مطابقتها للمواصفات من طرف مركز الدراسات والبحوث للاتصالات ومن
طرف الوكالة الوطنيّة للمصادقة الإلكترونيّة. و نُميع على أصحاب هذه المؤسسات الحصولُ على أجهزة
بثّ خاصة بهم كما نُميع عليهم تركيزها.
وكان كلّ صاحب مؤسّسة إذاعيّة أو تلفزيّة، زمن نظام بن علي، ملزَما نظريّا، وذلك بموجب الاتفاقيّة
التي وقّعها مع الدولة، بأن يقدّم مطلبا إلى الوكالة الوطنيّة للتردّدات وبأن يوقِّع اتّفاقيّة مع الديوان
الوطنيّ للإرسال الإذاعيّ والتلفزيّ وبأن يدفع التسبقات التي نص عليها التشريع المعمول به وبأن يدفع
للدولة إتاوة سنوية جزافية قيمتها مليونا دينا 2 مليون دينار.
أمّا في مستوى الممارسة التطبيقيّة فإنّ الأمر كان مختلفا تماما. من ذلك مثلا أنّ الاتفاقيّة المبرمة بين
«راديو موزاييك « FM والدولة التونسيّة قد تم التوقيع عليها يوم 7 نوفمبر 2003 والحال أنّ هذا اليوم هو
يوم عطلة رسميّة وقد أعلن بن علي شخصيّا الإمضاء على هذه الاتّفاقيّة في خطاب رسميّ بمناسبة
ذكرى تولّيه السلطة.
وكذلك الشأن بخصوص صاحب «إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم »، وهو صخر الماطري صهر الرئيس المخلوع
بن علي، الذي لم يوقّع أبدا اتّفاقيّة مع الدولة ولم يدفع البتّة أي ضريبة  .
وقد تمتّعتْ بعضُ وسائل الإعلام مثل قناة «حنبعل »TV ببعض الامتيازات التفضيليّة ولكن بصفة
استثنائيّة ولمجرّد رغبة اعتباطيّة  من الدولة وذلك بإعفاءها من الأداءات المستَوجَبة للدولة لمدّة
ثلاث سنوات، وأيضا باعفاءها من الإتاوة المستوجبة للديوان الوطنيّ للإرسال الإذاعي والتلفزي لمدّة
سنت .ْني كما استفادت من الامتيازات الواردة بالفصل 52 من مجلة تشجيع الاستثمارات والذي ينصّ
على الإعفاء من الأداءات الجمركيّة ومن الأداءات على القيمة المضافة الموظفة على توريد التجهيزات.
ويشكو أصحابُ المؤسسات الإذاعيّة والتلفزيّة الذين حصلوا على تراخيص في عهد بن علي من
التكاليف التي يفرضها الدّيوان الوطنيّ للإرسال الإذاعي والتلفزي والتي يعتبرونها مشطّة، وكذلك
من الضريبة الجزافية المدفوعة إلى الدولة التونسيّة )مليونيْ دينار(. وقد بلغت ديون وسائل الإعلام
العمومية والخاصة المتخلّدة بذمّتها، إلى حدّ تاريخ 20 جوان 2011 ، لفائدة الديوان الوطنيّ للإرسال
الإذاعي والتلفزي قيمة 6.585 مليون دينار حسب مراسلة صادرة عن الديوان مؤرخَّة في 8 أوت 2011
موجَّهة إلى الهيئة الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتصال  .
أما الاتّفاقيّاتُ وكراسات الشروط الجديدة التي أعدّتْها الهيئةُ الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتّصال فتنصّ
على تمييز بين المؤسسات الإعلامية ذات الطابع التجاريّ والمؤسسات الإعلامية ذات الطابع الجمعيّاتيّ،
ولكن التعريفات ما زالت من مشمولات الديوان التونسيّ للإرسال الإذاعي والتلفزي، وهو مؤسّسة
عموميّة تحتكر الاختصاص التّقنيّ.
ويتوفر لتونس إطار قانونيّ منسجم لتشجيع الاستثمار في مجموعة واسعة من القطاعات الصناعيّة،
ولكن إصلاحه ضرورة يعترف بها الخاص والعام . وتوفّر مجلّة تشجيع الاستثمارات في هذا المجال
إطارا للنهوض بالاستثمارات في المؤسسات الصغرى والمتوسّطة، بما في ذلك مؤسّسات الصناعة
الثقافيّة. وقد تم إنشاءُ صندوق استثمارات هو » صندوق التطوير واللامركزيّة الصّناعيّة »FOPRODI
وذلك لدعم هذه الأنشطة. و تم توسيع مجال مساعدات هذا الصندوق سنة 2008  بعد صدور أمر
في ذلك لتشمل مساندة «الإنتاج السينمائيّ والمسرحي والتلفزي والإذاعي ». وسرعان ما تغيّر الوضع
سنة 2009 بتنقيح الأمر المذكور وحذف مساعدة التلفزة والإذاعة  . ثم أعيدتْ مراجعةُ هذا الأمر مرّة
أخرى وتضمينه مساندة الاستثمارات العموميّة في وسائل الإعلام السمعيّة والبصريّة.
تميل الإذاعات المحليّة والجمعيّاتيّة إلى العمل على أساس هوامش ربح ضيّقة جدّا. ومن الضروري الحدّ من
تكاليف إنشائها ومن كلفة اشتغالها. وخاصة الإذاعات الجديدة المحلّيّة والجمعيّاتيّة التي وقع الترخيص
لها في 2011 . اذ ينبغي أن تكون قادرة على شراء أجهزة البثّ الخاصّة بها إن رغبتْ في ذلك وتركيبها
وتشغيلها. وليس من المفروض عليها أن تستعمل تجهيزات البنية التحتيّة التي يمتلكها الديوان
الوطنيّ للإرسال الإذاعي والتلفزي. وفي الإمكان أيضا مساعدة هذه الوسائل الإعلاميّة وغيرها باقتراح
إعفائها من الأداءات الجمركيّة الخاصة بتوريد تجهيزات الإنتاج والتوزيع.
ه - الإشهار
مؤشّر 10.2
لا تمارس الدولة أيّ تمييز من خلال سياستها في مجال الإشهار
كان الإشهار إحدى الأدوات المفضَّلة عند بن علي للتحكّم في وسائل الإعلام المكتوبة والسّمعيّة
والبصريّة. واعتمدت الوكالة التونسيّة للاتّصال الخارجيّ سياسة «العصا والجزرة » لابتزاز المؤسسات
الإعلامية باعتبار أنها تحتكر توزيع الإشهار المؤسّساتيّ العموميّ.وقد توصّل النظام، عبْرَ هذه السياسة
المعمول بها منذ 1990 ، وهو تاريخ إنشاء الوكالة التونسيّة للاتّصال الخارجيّ ، إلى السيطرة على
جلّ وسائل الإعلام بما في ذلك وسائل الإعلام الخاصّة.
غير أنّ هذه السياسة كانت لها أيضا نتائج عكسيّة على تطوّر قطاع الإشهار بتونس، مما أدى الى
بقاء هذا القطاع في طور جنينيّ مقارنة بالبلدان المجاورة 149 . وحسب أرقام الثلاثيّ الأوّل من سنة 2011
150 ، فقد تراجع هذا القطاعُ بنسبة % 45,9 مقارنة بنفس الفترة من سنة 2010 وذلك بسبب التراجع
الاقتصاديّ والتوتّرات الاجتماعيّة التي عرفتْها البلاد منذ سقوط النظام السابق، إلى جانب أنّ «المعلنين
الهامّين ما زالوا تحت سلطة المتصرفين القضائيّين بعد مصادرة أملاك أقرباء الرئيس السابق
وتمتلك قنوات التلفزة  النصيب الأكبر من السوق باستثمارات بلغتْ 73,1 مليون دينار سنة 2011 ،
وتأتي قناة «حنبعل »TV الخاصة في الصدارة ب 36,5 مليون دينار، ثم «التونسيّة » ب 20,9 مليون دينار،
ثمّ «نسمة » ب 15,7 مليون دينار  .ثمّ تأتي في المراتب اللاحقة الإذاعات الخاصّة: «موزاييك »FM ب
11,6 مليون دينار، و »جوهرة »FM ب 7,2 مليون دينار، و »شمس »FM ب 3,7 مليون دينار، و »إكسبرس
»FM ب 2,6 مليون دينار. أما في الصحافة المكتوبة فتأتي الصحف اليوميّة في الصدارة ب 18,1 مليون
دينار. وتعدّ »تونيزيانا » أكبر المؤسسات التي استخدمت الإشهار بمبلغ يقدّر ب 14,4 مليون دينار، ثمّ
«اورانج 12,4(» مليون دينار(، تليها «دليس دانون 9,8( » مليون دينار(، و »اتّصالات تونس 9,7( » مليون دينار(.
وتحتل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات المرتبة الخامسة من حيث الميزانية المرصودة للإشهار
) 5,3 مليون دينار(. وتحصّل «الحزب الوطنيّ الحرّ » على المرتبة العاشرة باستثمارات إشهاريّة بلغتْ حواليْ
2 مليون دينار. واحتلّ «الحزب الديمقراطي التقدّمي » المرتبة الثالثة عشرة ) 1,4 مليون دينار(. وتعكس هذه
المعطيات دخول الإشهار السياسيّ بقوّة في تونس بمناسبة انتخابات المجلس الوطنيّ التّأسيسيّ في
23 أكتوبر 2011 .
لقد استُعمِل الإشهار العموميّ طوال سنوات عديدة كامتياز يُعطَى أو يُسحَب بحسب درجة الولاء
للنظام السياسيّ القائم. ويعتبره بعض أصحاب الصُّحف اليوم حقّا مكتسَبا، أو على الأقلّ مساعَدة
يجب على الدّولة أن توزّعها توزيعا عادلا دون أن تأخذ بعين الاعتبار بعض المعايير الموضوعيّة مثل عدد
السحب أو نسبة متابعة وسائل الإعلام السمعيّة والبصريّة.
والملاحظ أنّ نفس الصحف ووسائل الإعلام التي كانت أدوات في يد النظام السابق هي التي ما زالتْ
تواصل التّمتّعَ بالجزء الأكبر من عائدات الإشهار العموميّ بخلاف صحف جديدة تعيش الكفاف
بصعوبة وذلك بسبب ضعف الإمكانيّات. وقد قام نبيل جريدات  ، مدير دوريّة «الأولى » الأسبوعيّة
التي أُنشئتْ غداة سقوط النظام وهي تصدر باللغة العربيّة، بإضراب جوع لمدّة ثمانية أيّام لإجبار
الدّولة على إيجاد حلّ عادل وشفّاف لمشكلة توزيع الإشهار العموميّ. وقد نوقش هذا المشكل نقاشا
طويلا في إطار الهيئة الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتّصال مع نقابة المؤسسات الصحفيّة المستقلّة
والحزبية. وقد أوصتْ الهيئةُ الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتّصال بتبنّي معايير موضوعيّة وشفّافة ولكنّها
حذّرتْ من إنشاء جهاز جديد رسميّ تكون مهمّتُه توزيع الإشهار العموميّ.
بعد إضراب الجوع الذي قام به نبيل جريدات وعدتْ الحكومةُ بتنظيم ندوة وطنيّة لمناقشة هذا المشكل  .
تاريخيا احتكرت الدولة قطاع الإشهار منذ 1963 إلى 1971  وهو تاريخ صدور أوّل نصّ قانون لتنظيم
مهنة عون الإشهار التجاريّ  . وفي سنة 2001 صدر قانونٌ جديد متعلّق بحذف التراخيص الإداريّة
التي تُسندها مصالح وزارة التجارة  . وركز بدل ذلك كرّاسات شروط تُنظِّم ممارسةَ بعض المِهن ومن
بينها مهنة عون الإشهار التجاريّ. فأنشئت خلال 4 سنوات ) 2005 - 2001 ( 106 وكالات إشهار مقابل
وكالة أنشِئتْ خلال 30 عاما ) 2001 - 1970 (.
وأما بشأن الجانب التنظيمي، فقد أحصتْ الدراسةُ التي أنجزها مكتب الدراسات »Tema Consulting«
سنة 2005 ، وأخذتها عنه الهيئةُ الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتصال في تقريرها العامّ، حواليْ
ثلاثين نصّا قانونياّ لتسيير قطاع الإشهار التجاريّ  بصفة مباشرة أو غير مباشرة. هذا إضافةً
إلى التشريعات الأخرى ذات الصبغة العامّة )مثل قانون الشغل، وقانون الصحافة، وقانون الاتّصالات
وغيرها( وهي تتضمّن إجراءات تتعلّق أيضا بالإشهار التجاريّ أو العموميّ.
إنه لمن الواجب التعجيلُ بتوحيد جميع هذه التشريعات وجمْعها في قانون واحد )قانون الإشهار(.
فهذه الوفرةُ من التشريعات تؤدّي إلى متاهة قضائيّة وإداريّة وإلى تعدّد الأطراف المتدخِّلة. وتفتح هذه
الوضعيّة الباب أمام مظاهر من التحيّل وسوء التصرف وهو ما يُفسّر، اليوم، حجم الفساد في عهد بن
علي في هذا القطاع كما هو الشّأن في عدّة قطاعات أخرى.
ويعود تاريخ أكثر الدراسات اكتمالا وجدّيّة في قطاع الإعلام بتونس إلى 2006 - 2005 ، حسب دراسة
أنجزتها «البعثة الاقتصاديّة لسفارة فرنسا بتونس  » في شهر أوت من سنة 2006 . وتعدّ البلاد
التونسيّة 237 وكالة إشهار أو مكتب استشارة في الإشهار، تشغّل 5000 أجير. وحسب هذه الدراسة
«لا توجد إلا مؤسّستان تتميّزان بمستوى رفيع على الصعيد الدولي، لأنهما تعرضان خدماتهما في دول
المغرب العربيّ، وفي شمال إفريقيا وفي بعض بلدان الشرق الأوسط. وهما مؤسّستا «عالم قروي وقروي
Karoui & Karoui World»  )مجالها الإبداع الإشهاريّ والاتّصال(، والمكتب الاستشاريّ «سيقما
»Sigma Conseil )مجالُها دراسات نسب متابعة وسائل الإعلام السمعيّة والبصريّة، وتطوير وسائل
الإعلام والاتصال(.
مؤشِّر 11.2
تعديل ناجع للإشهار في وسائل الإعلام
خلال نظام بن علي كانتْ معاييرُ إسناد الإشهار إلى وسائل الإعلام المكتوبة أو السمعيّة والبصريّة
محصورةً في درجة الإخلاص والولاء للنظام. وكانت الوكالة التونسيّة للاتّصال الخارجيّ تحتكر توزيع
الإشهار. وسواء تعلّق الأمر بالمصلحة الاقتصادية أو بالانتهازيّة السياسية، اصطفّ المعلنون في نفس
التيار السياسيّ الذي تقتدي به هذه الوكالة، ولذلك كانتْ مؤسّساتُهم تتّبع الخطوط الضمنيّة التي
ترسمها لهم.
وفي القطاع السمعيّ والبصريّ كانتْ شركة «كاكتوس للإنتاج »Cactus Prod التي يملكها بلحسن
الطرابلسيّ، صهرُ الرئيس المخلوع بن علي، بالاشتراك مع سامي الفهري، تحصل على أرفع المداخيل
من الإشهار وذلك بفضل منظومة «تبادل المصالح  » . كانت جميعُ البرامج الناجحة التي تُبثّ في
«ساعات المتابعة الكثيفة » في القناة العموميّة من تصوّر وإنتاج مؤسسة واحدة هي «كاكتوس
للإنتاج  » التي تهدي برامجها «مجانا » مقابل الحصول على فضاءات إشهاريّة. وخلال شهر رمضان
كانت الومضات الإشهاريّة تدوم حتّى 15 دقيقة متواصلة في «ساعات المتبعة الكثيفة » ويمكن أن
تستغرق 144 دقيقة في اليوم  والحال أنّ القانون  قد حدّد المدى الزمنيّ الأقصى للومضة الإشهاريّة
الواحدة المستمرّ دون انقطاع بثماني دقائق. وحسب بعض الملاحظين فإنّ ستّين بالمائة من مداخيل
التلفزة العموميّة تؤول إلى خزينة «كاكتوس للإنتاج » التي هي فرع من مجموعة «كرتاقو »Carthago
التي يملكها بلحسن الطرابلسي.
ولا يوجد حتّى الآن قانون إشهار ضبطه هيكل مهنيّ أو قانوني مستقلّ. وفي ما يلي أهمّ التشريعات
التي تحكم قطاع الإشهار في الوقت الحاليّ هي التالية :
* قانون عدد 22 لسنة 1971 المؤرخ في 25 ماي 1971 والمتعلق بتنظيم مهنة عون الإشهار التجاريّ، وهو
القانون الذي أنهى احتكار الوكالة التونسيّة للإشهار .
* قانون عدد 64 لسنة 1991 لسنة 1991 المؤرخ في 29 جويلية 1991 والمتعلّق بالمنافسة والأسعار.
* قانون عدد 40 لسنة 1998 المؤرخ في 2 جوان 1998 والمتعلق بطرق البيع والإشهار التجاريّ.
* مجلّة الاتصالات الصادرة بموجب القانون عدد 1 لسنة 2001 ، المؤرخ في 15 جانفي 2001 ، المنقّحة
والمتمّمة بالقانون عدد 46 لسنة 2002 المؤرخ في 7 ماي 2002 وبالقانون عدد 1 لسنة 2008 المؤرخ في
8 جانفي 2008 .
* المرسوم عدد 116 لسنة 2011 والمتعلّق بالاتّصال السمعيّ والبصريّ، وهو القانون الذي أسند إلى
الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري مهمّةَ ضبط قواعد السلوك الخاصة بالإشهار
والسهر على احترامها  .
وقد قامت الهيئة الوطنيّة لإصلاح الإعلام والاتصال أيضا بإعداد الاتفاقيات وكراسات الشروط الخاصّة
بإنشاء واستغلال المحطات الإذاعية والقنوات التلفزية وفيها حدّدتْ المدة القصوى للومضة الإشهاريّة
وقواعد مدونة السلوك التي يجب على وسائل الإعلام والاتصال احترامها، فضلا عن إلزام أصحاب
وسائل الإعلام بتحديد تعريفاتهم الإشهاريّة  .
وحدد المرسوم عدد 115 لسنة 2011 في عدّة فصو أحكام تنظيم قطاع الإشهار في الصحافة
المكتوبة. وقد أكد على وجه الخصوص، في فصله 26 ، على ما يلي: «على كلّ دورية ذات صبغة إخباريّة
جامعة أن تضبط تعريفة الإشهار الخاصّة بها، و عند الاقتضاء تعريفة إشهارها المشترك مع دوريّة أو
عدّة دوريّات ذات صبغة إخباريّة جامعة أخرى، وعليها أن تُعلم بذلك العمومَ ، وفي صورة مخالفة هذه
المقتضيات يُعاقَب مالك الدوريّة بخطيّة تتراوح بين ألفيْ وخمسة آلاف دينار ».وقد منع المرسوم في
فصله 31 الإشهارَ السياسيّ في دوريّات الإعلام العامّة.
توصيات
ينبغي دعم الإجراءات ضدّ تركز
الملكيّة في قطاع واحد من الإعلام أو بين
القطاعات الإعلاميّة كما يجب ضمان الشفافيّة
فيما يتعلّق بالملكيّة.
ينبغي أن يكون الهدف الأساسي
لمنظومة تعديل قطاع الاتصال السمعيّ
والبصريّ، النهوض بمزيج متنوّع من وسائل الإعلام
العموميّة والخاصّة والجمعيّاتيّة .
ينبغي أن تكون منظومة تعديل
القطاع السمعيّ والبصريّ شفّافة وقائمة على
قواعد واضحة وعادلة.
ينبغي اتّخاذ إجراءات لضمان النهوض
بآليات تطوير وسائل الإعلام الجمعيّاتيّة.
ينبغي إلغاء الاحتكار الذي يمارسه
الديوان الوطنيّ للإرسال الإذاعي والتلفزي
بخصوص إنشاء واستغلال شبكات بثّ البرامج
السمعيّة والبصريّة.
ينبغي أن يشرف هيكل مستقلّ
لتنظيم الاتّصال السمعيّ والبصريّ على وضع
مخطّط تردّدات البثّ وإسنادها على المستوى
الوطنيّ .
ينبغي أن تُنظَّم استشارة عموميّة
بخصوص تطوير موجة الذبذبات الإذاعيّة FM
تشارك فيها الأطرافُ المعنيّة وتدعمها دراسةٌ
تقنيّة مستقلّة.
ينبغي أن تُنظَّم استشارة عموميّة
بخصوص مخطّط لتطوير نظام البثّ TNT
تشارك فيها الأطراف المعنيّة وتدعمها دراسةٌ
تقنيّة مستقلّة.
ينبغي إدخال تغييرات على مجلّة
تشجيع الاستثمارات حتى تُدرج فيها إجراءاتُ
النهوض بتطوير وسائل الإعلام السمعيّة
والبصريّة.
ينبغي التخفيض في تعريفات
الاستغلال الخاصة برُخص البثّ المسلّمة إلى
المحطات الإذاعية و القنوات التلفزية الجمعيّاتيّة
غير التجاريّة.
ينبغي أنشاء صندوق دعم
للمؤسسات الإذاعيّة وذلك بالتشاور مع جميع
الأطراف المعنيّة لمساعدة الإذاعات الجمعيّاتيّة
والجهويّة.
ينبغي تقييم منظومة مساعدة
الدولة للصحافة المكتوبة تقييما علمياّ، كما
ينبغي اعتماد معايير موضوعيّة وشفّافة وعادلة
لتوزيع تلك المساعدة وخصوصا ما يتعلّق منها
بتوزيع الإشهار العموميّ.
ينبغي إنشاء آليّات علميّة موثوق
من صحّتها لمعرفة أرقام السحب بالنسبة إلى
الصحف، ومعرفة نِسب المشاهدة والاستماع
بالنسبة إلى وسائل الإعلام السمعيّة والبصريّة.
دراسة حول تطوّر وسائل الإعلام و الاتصال بتونس
الصنف الثالث
وسائل الإعلام بصفتها
أرضيّة لحوار ديمقراطيّ
دراسة حول تطوّر وسائل الإعلام و الاتصال بتونس
المؤشرات الرئيسية
الصنف رقم 3 : مؤشّرات تطوّر وسائل الإعلام والاتصال وسائل الإعلام
بصفتها أرضيّة لحوار ديمقراطيّ
أ.وسائل الإعلام والاتصال تعكس تنوّع المجتمع
مؤشّر 1.3 وسائل الإعلام-العموميّة والخاصّة والجمعيّاتيّة- تستجيب لحاجيّات كلّ المجموعات التي
تكوّن المجتمع
مؤشّر 2.3 منظّمات وسائل الإعلام تعكس التّنوّع الاجتماعيّ من خلال سلوكها في مجال التشغيل
ب - نموذج المرفق العمومي في الإعلام السّمعيّ والبصريّ
مؤشّر 3.3 أهداف المرفق العمومي في القطاع السمعيّ والبصريّ محدَّدة ويضمنها القانون
المؤشّر 4.3 أنشطة المؤسسات الإعلامية التابعة للمرفق العمومي لا تتعرّض للتمييز في أيّ ميدان
مؤشّر 5.3 منظومة حوكمة مستقلّة وشّفّافة
مؤشّر 6.3 المرفق العام للقطاع السمعيّ والبصريّ ملتزم إزاء الجمهور وإزاء منظّمات المجتمع المدنيّ
ت - التعديل الذّاتيّ لوسائل الإعلام والاتصال
مؤشّر 7.3 الصّحافة المكتوبة ووسائل الإعلام السمعيّة والبصريّة لها آليّاتٌ ناجعة للتعديل الذّاتيّ
مؤشّر 8.3 وسائل الإعلام تُطوِّر ثقافةَ التعديل الذّاتيّ
ث - الشروط اللازمة لاحترام قواعد الإنصاف والحياد
مؤشّر 9.3 قانون ناجع للقطاع السّمعيّ والبصريّ يُب الشروطَ اللازمة لاحترام الإنصاف والحياد
مؤشِّر 10.3 تطبيق قانون متعلّق بالاتصال السمعيّ والبصريّ
ج - نسبة ثقة الجمهور في وسائل الإعلام والاتصال
مؤشِّر 11.3 الجمهور يُبدي نسبة ثقة مرتفعة إزاء وسائل الإعلام والاتصال
مؤشِّر 12.3 مؤسسات إعلاميّة حسّاسةٌ إزاء الطريقة التي ينظر بها الجمهورُ إلى عملهم
ح - سلامة الصحفيّين
مؤشِّر 13.3 الصحفيّون والعاملون معهم والمؤسسات الإعلامية يستطيعون ممارسة مهنتهم في أمان
مؤشّر 14.3 وسائل الإعلام لا يُعرقل أنشطَتَها مناخُ انعدام الأمن
الصنف رقم 3 :
وسائل الإعلام بصفتها أرضيّة لحوار ديمقراطيّ
أ - وسائل الإعلام والاتصال تعكس تنوّع المجتمع
مؤشّر 1.3
وسائل الإعلام-العموميّة والخاصّة والجمعيّاتيّة- تستجيب لحاجيّات كلّ المجموعات التي
تكوّن المجتمع
يتكلم جلُّ التونسيّين اللغة العربيّة الدارجة واللغة العربيّة هي اللغة الرّسميّة. لكنّ كثيرا من
التونسيّين يتكلّمون أيضا اللغة الفرنسيّة المستعمَلة على نطاق واسع في التعليم.أما الصحافةُ
المكتوبة والإذاعة والتلفزة فمتوفرة بالعربيّة وبالفرنسيّة باستثناء «إذاعة تونس الدولية RTCI(» ( التي
تبثّ أساسا باللغة الفرنسيّة، لكنّ فيها أيضا برامج بالإنجليزيّة والألمانيّة والإيطاليّة والإسبانيّة.
وثمة أقلّيّةٌ ضئيلة من الناس في جنوب البلاد يتكلّمون اللهجة البربريّة المعروفة باسم «الشلحة »169
خصوصا في جزيرة جربة وفي بعض القرى الجبليّة بالجنوب. ولم يكن يوجد في عهد الرئيس المخلوع بن
علي سند مؤسّساتيّ في تونس لحماية اللهجات المحلّيّة. ولكن ظهر منذ الربيع العربيّ اهتمام جديد في
المستوى الجهويّ بثقافة الأمازيغ  وهويّتهم ونشأت جمعيّاتٌ جديدة تعمل على التعريف بنفسها
عبر التّغطية الإعلاميّة وعبر حضورها في شبكة الواب وعلى شبكات التواصل الاجتماعيّ  .
وقد تم، قبل ثورة 14 جانفي 2011 إيقاف عمل وسائل الإعلام الجمعيّاتيّة، مثل راديو6
و »منظمة نواة Nawaat.org أو عرقلتُها. وهي تستطيع الآن أن تعمل دون تدخّل في شؤونها. كما
توجد عدّة مبادرات مُواطنِيّة وأهليّة جديدة، بما في ذلك إذاعات على شبكة الواب ومدوّنات أو إذاعات
على موجة FM تعبّر عن أصوات الشباب والجماعات المهمَّشة.
وتقوم وسائل الإعلام التقليديّة التونسيّة على مركزية قويّة، باستثناء محطّات جهويّة للإذاعة
العموميّة، فان جلُّها في تونس العاصمة. ومع انفتاح المشهد الإعلامي بدأتْ تظهر مشاريعُ وسائل
إعلام أهليّة انطلقتْ من قفصة والقصرين والرقاب وجندوبة وأماكن أخرى داخل البلاد كانت في
السابق مهمَّشةً في المستوي الاجتماعيّ والاقتصاديّ.
والجدير بالذكر أيضا أنّ مؤسسة الإذاعة التونسية، عبر إذاعة قفصة وفي إطار التعاون مع «مؤسّسة
الخطاف »Fondation Hirondelle ، عمدتْ إلى فتح أربعة مكاتب قارّة في ولايات توزر وقبلّي والقصرين
وسيدي بوزيد. وانتدبت ما يقارب عشرة صحفيين شبّان أصيلي الجهة بصفة مراسلين  .
كما حقّقتْ المؤسسات الإعلامية العموميّة تقدّما هامّا في الانفتاح على تنوّع الآراء و النزعات
السياسيّة رغم أنّه، باستثناء مصالح البثّ الإذاعيّ والتلفزيّ الجهويّ، ما زالتْ أخبار كثيرة تأتي من
العاصمة وتركز اهتمامها على القرارات السياسيّة. وينبغي مزيد الاعتناءُ في وسائل الإعلام العموميّة
بالأخبار الجهويّة وبصحافة الاستقصاء وبالتعبير عن آراء الجمهور الواسع وشواغله بخصوص المسائل
الاجتماعيّة والاقتصادية والبيئيّة.
إن غالبيّة السكّان قادرون على النفاذ إلى وسائل الإعلام وخصوصا إلى التلفزة والإذاعة رغم أنّ تنوّع
القنوات التلفزية ما زال محدودا بالنسبة إلى الذين لا يقدرون على اشتراك في القنوات الفضائية.
وينبغي إيلاء عناية خاصّة بالحاجيّات الخصوصيّة مثل البرمجة الخاصّة بالأطفال  والبرامج التربويّة
وكتابة ترجمة البرامج أسفل الشاشة حتّى يستفيد منها الصّمُّ ومحدودو السمع .
مؤشّر 2.3
منظّمات وسائل الإعلام تعكس التّنوّع الاجتماعيّ من خلال سلوكها في مجال التشغيل
عانتْ وسائلُ الإعلام العموميّة والخاصّة طوال سنوات عديدة من المنظومة القمعيّة المتحكمة في
الإعلام، وهي المنظومة التي كانتْ في قلب نظام بن علي. ولم يكن للصحافيّين ذوي الفكر المستقلّ
أو الناقدين النظام إمكانيّة النفاذ إلى وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومةُ وقد تجبرهم على
أن يصيروا جزءا من الآلة الدّعاية. ولم يكن التنوّع الاجتماعيّ معيارا. وكانت الغالبيّةُ العظمى من
الصحافيّين قد تم تكوينُهم في معهد الصحافة وعلوم الإخبار الذي صار مدرسة «الاتّصال الحكوميّ »
الذي يخنق الصحافيَّين المستقلّين  .
إنّ انطلاق مؤسسات جديدة في الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزة يمثّل فرصةً لتنويع القاعدة
الاجتماعية لوسائل الإعلام والاتصال ، ولكنّه من الضروريّ أيضا إصلاح تنظيم وسائل الإعلام العموميّة
وتطعيمها بأفكار جديدة وآفاق جديدة.
بعضُ الإصلاحات هي الآن بصدد الإنجاز في معهد الصحافة وعلوم الإخبار ومن المنتظر أن نرى جيلا
جديدا من الصحافيّين الذين لم يعانوا من ثقل تدخّل الحكومة بقبضتها الحديديّة يلتحقون بالمعهد
في العودة الجامعية 2012 . بيد أنه ينبغي أن نشير إلى أنّ إدارة المعهد الجديدة قد نجحتْ في جوان 2012
في أن تحصل من وزارة التعليم العالي على موافقة بخصوص إجراء امتحان دخول للطلبة الجدد قصْدَ
ضمان مستوى مع في اللغت الفرنسيّة والعربيّة.
لكن، بصفة عامّة، ما زال الوضع يستوجب جهدا كبيرا لانتداب جيل جديد من المهنيّين في الإعلام على
أساس قاعدة اجتماعيّة أوسع ولإدماج الفكر النقديّ والمستقل.
وللنساء نسبة تمثيل حسنة في وسائل الإعلام. ولكنّ قلّة قليلة منهنّ تتمكن من الوصول إلى وظائف
إداريّة قياديّة. إنّ الدكتورة إقبال الغربي التي مُنعتْ من تسلُّم منصبها على رأس إذاعة الزّيتونة في
2011 ، وهي الحالة التي تحدّثْنا عنها أعلاه في القسم 3.1 ، حالةٌ متّصلة ولا شكّ بسياق خاصّ. ولكنّها
 يمكن أن تعكس أيضا مقاومة أعمّ لوجود النّساء في الوظائف العليا  . 
تحميل الوثيقة